العلمانية هي الحل الأنسب للجميع - Elegant Writer

Breaking

الجمعة، 29 أكتوبر 2021

العلمانية هي الحل الأنسب للجميع


       يتزامن مع التطور المذهل في مجال التكنولوجيا ، والثورة المعلوماتية الرقمية تنامي مساحة المجتمعات العلمانية ـ والمعبر عنها بالدول المحايدة ناحية الدين .. وفي حالات استثنائية يعود التطرف الديني ليسيطر على الدولة كما حدث مؤخراً مع النسخة الأفغانية بعودة حركة طالبان للحكم .. ومع أن بعض الدول كانت قد خرجت من دائرة سيطرة رجال الدين على الحياة السياسية للدولة كما هو الحال في العراق الشقيق الا أن حالة عدم التوازن التي نتجت عن انهاء نظام صدام حسين ، وحزب البعث قد عادت بالشعب العراقي الى مربع تحكم المرجعيات الدينية الشيعية، وتحول المشهد السياسي العراقي بخارطة تحالفاته التي عكستها الانتخابات النيابية التشريعية المبكرة مؤخراً الى حالة تكيفت فيها المرجعيات الدينية مع متطلبات العملية الانتخابية محاولةً تقديم نفسها للعالم كما لو أنها تؤمن بالديمقراطية ونتائج الانتخابات .. وهو ما يفسر العزوف الكبير عن المشاركة في تلك الانتخابات ، والذي انعكس على نتائجها ، وما أفضت اليه من تحالفات سياسية ـ البعض يعتبرها قد خرجت بالمعادلة عن سيطرة النفوذ الايراني ـ على منظومة الحكم العراقي في تجاهل لنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت بالحد الأدنى من المشاركة وأفضت الى فوز تحالف سائرون الذي يقوده التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر بأكثر من 80% من المقاعد البرلمانية ..

   ان مجتمع كالمجتمع العراقي يستند الى حضارة عريقة والى تنوع كبير في الجغرافيا والديموغرافيا لا يمكن أن يحقق الاستقرار مع تواجد المرجعيات الدينية في قمة الهرم السياسي ، وأن العلمانية هي الطريق الوحيد والصائب التي يمكن أن تقدم نموذجاً يحضى بالقبول المشترك من مختلف التيارات السياسية ، والدينية بما في ذلك الأقليات ، والأكراد ..

   كما أن الانقسامات وحالة التشظي التي يعاني منها الأقطار العربية عقب أحداث ما يسمى بالربيع العربي لا يمكن الخروج منها الا بالتوجه الجاد والجريء الى شكل من أشكال الدولة العلمانية الاتحادية .. وقد حان الوقت بالفعل لدول عربية مثل (العراق، اليمن ، السودان ، لبنان، سوريا ، ليبيا، مصر ، الجزائر، تونس ) الى اجراء تعديلات جذرية في انظمتها السياسية ، ودساتيرها بما يضمن النظرة المحايدة للدولة تجاه الأديان .. وكذلك الحال بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ـ التي أحدثت مؤخراً ما يمكن اعتباره ثورة في الاصلاح على مستوى الحريات الشخصية بانهاء هيمنة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ واحلال هيئة الترفيه محلها ، وما شهدته الساحة السعودية من انفتاح كبير في مجالات الفنون والآداب والمسرح ، والغناء ـ والذي أجبر الكثير من المرجعيات الدينية السعودية على التراجع عن تلك الفتاوى المتشددة التي أصدرتها في الماضي ، واصدار فتاوى بديلة تتناسب مع الاصلاحات الأخيرة التي حققت مكاسب للمرأة والشباب السعودي طالما حلموا بها .. لكن هذه المكاسب لا يمكن تأمينها والبناء عليها الا من خلال التوجه الصريح والمنصوص عليه في الدستور على العلمانية .. ان اقدام السعودية على هكذا خطوة سوف يشجع بقية دول مجلس التعاون الخليجي الى الانخراط في النظام العلماني العالمي، وسيدفع الكثير من الدول العربية والاسلامية الى نفس الاتجاه ، ولن يبقى في خانة الدولة الدينية الا الأقلية من الدول الدينية المتشددة والتي باتت معزولة عالمياً .. انّ ذلك سوف ينهي تماماً مشكلة الانقسامات الناشئة بفعل الصراعات المذهبية ، والطائفية ، ويتحول الدين الى مجرد مسألة شخصية لا علاقة لها بالسياسة والحكم ..ومثل هذا الاتجاه يضمن تحرير الدين من عمليات التشوية التي أصابته بفعل الاستخدام الخاطيء له من قبل السياسيين ورجال الدين معاً .. وفي الوقت ذاته يضمن المساواة لجميع المواطنين أمام القانون .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق