لا يختلف اثنان على حجم التحول الهائل الذي
حدث للحياة البشرية بفعل الشبكة العنكبوتية (الانترنت) سواءً على مستوى الأفراد أو
المجتمعات ، الدول ، أو الحكومات ، والمنظمات .... الخ من الكيانات المؤسسية التي
صار الانترنت عصب حياتها ، ولا يمكن لأي مؤسسة أن تقوم بعملها بالشكل المطلوب
والسرعة المطلوبة بدون توفر خدمة الانترنت وبالسرعة المعقولة ..
بشكل عام الانترنت أحدث ثورة حقيقية في
الواقع وفي تعامل الانسان مع هذا الواقع .. صارت العلاقات الالكترونية هي الطابع
المميز لعصر الانترنت .. اتصالات متكاملة بالصوت وبالصورة .. بأبعاد مختلفة ..
أمكن بفعل ذلك القيام بعمليات الاتصال الفعالة عبر شبكة الانترنت الاستغناء في
كثير من الأحيان عن الاتصال الهاتفي التقليدي عبر شبكات الاتصالات الأرضية أو
الموبايل، أو الجوال .
ارتبطت شبكة التحويلات البنكية ، وحجوزات
الطيران ، وعمليات البيع والشراء ، والتسويق بالشبكة العنكبوتية بدرجة أساسية ..
وصار بامكان أي شخص يمتلك بطاقة الفيزا كارد ، أو الفيزا انترنت وما شابهها من بطاقات الدفع أن يقوم بالشراء ،
والتحويل بلمسة واحدة من جهاز الموبايل الذي يستخدمه ..
وصار حجم التعامل بالانترنت .. وسرعته ،
وفعاليتة معياراً يُقاس به مدى تقدم الدول ، والشعوب ، والأمم ..
ان عمليات التسويق بكافة أنواعها التجارية
، والاقتصادية ، والسياسية ، والثقافية أخذت بُعداً واسعاً .. وأشكال مختلفه من
الترويج التي يخضع لها المستهلك من خلال جهازه الأندرويد الذي جعل العالم بين يديه
..كما أن الشركات التجارية تمكنت من الترويج لمنتجاتها بطريقة سهله ، وأكثر بساطه ..
عندما تتعامل مُباشرة مع جوجل أدس Google Ads اذ تتمكن من خلال ما يمتلكه محرك جوجل من
تقنيات عاليه من دراسة نمط المستهلك ، واهتماماته، وقدرته الشرائية ، وموقعه
الجغرافي من عرض الاعلانات التي تتناسب معه .. لقد صار من السهل دراسة اتجاهات
السوق الاستهلاكية لمنتج ما ، والتأثير في عمليات البيع والشراء عبر التسويق
المُدعّم ببيانات ، ومعطيات تجعل من السهل تنفيذ الحملات الاعلانية التسويقية
للمنتجات والأفكار في آنٍ واحد .
وكذلك الحال في حملات التوعية والتثقيف
الصحي.. فقد لعبت الحملة التي تكاد تكون كونية للتوعية بأساليب الوقاية من فيروس
كوفيد 19 Covid19
(كورونا) دوراً كبيراً في محاصرة الفيروس
والقضاء عليه في كثير من مناطق العالم .. لقد ترافق ذلك مع جهود حثيثة في مجال
البحث العلمي للتوصل الى لقاح مناسب مضاد للفيروس .. وتوصلت دول العالم المتقدم
مثل أمريكا ، روسيا ، المانيا ، بريطانيا .. الى انتاج اللقاح بأشكال ونوعيات
مختلفه .
ان تاثير الانترنت في الحياة التعليمية
والعملية لا يقل أهمية عن تأثيراته في المجال الصحي والاعلامي والثقافي .. حيث
شهدت العملية التعليمية طفرة حقيقية بفعل الانترنت .. فالى جانب ما أدت اليه من
تطور في استخدام أجهزة التعليم ، والبحث العلمي ، وفي طريقة ايصال المعلومة ..
ايضاً بات بالامكان التعلم عن بعد فيما
يسمى Learning Distance ، .. وفي مجال العمل صار بالامكان العمل من
المنزل .. لقد صارت عملية الربح عن طريق الانترنت من الأمور التي تتسع وتتطور
يومياً ، سواءً الربح من الاعلانات في اليوتيوب ، والمدونات ، والمواقع
الالكترونية الاخبارية ، والمتخصصة .. أو عن طريق شراء ، وبيع العملات الرقمية ..
والتغيرات في أسعار الصرف ، أو العمل كوسيط لشراء المنتجات التجارية ..... وغيرها
..
هذا هو الانترنت وتأثيراته في حياتنا التي
تشكل ثورة ، وسمةً أساسية من سمات العصر الحديث
.. وعلى الرغم من ذلك هناك استخدامات خاطئة ـ لا نسميها سلبيات ـ من ضمنها
حالة الاغتراب التي يعيشها البعض في الواقع العادي نتيجة انهماكهم بشكل شبه كلي في
العالم الافتراضي ـ الانترنت ـ وقضاء معظم أوقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ..
الامر الذي أصاب الكثير منهم بحالات الاكتئاب ، والادمان ..وأحياناً الاضصرابات
السيكولوجية التي انعكست على سلوكهم في واقع حياتهم المعيشية العاديه ، وفي
علاقاتهم بأسرهم ..
مهما كان حجم الاستخدامات الخاطئة
للانترنت فانه لا يشكل عيباً فعليا للانترنت .. لأن الخطأ هنا من بعض الأفراد وليس
من الانترنت نفسه .. ويمكن أن نعتبر تلك الاخطاء بمثابة الآثار الجانبية لحجم
التطور الايجابي المذهل الذي أحدثته ثورة الاتصالات والتكنولوجيا الرقمية ـ الذي
يشكل الانترنت ـ عمودها الفقري وقائدها الأساسي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق