مقتطفات من رواية بعنوان " النصف الفارغ" للكاتب / يونـس هـزاع - Elegant Writer

Breaking

الخميس، 24 يونيو 2021

مقتطفات من رواية بعنوان " النصف الفارغ" للكاتب / يونـس هـزاع



   


أستطيع أن أعيش دوراً آخر غير الذي أنا أعيش .. ليس تمثيل على الآخرين ..لكن أحب أن ـ وأمتلك القدرة على أن ـ أعيش في خيال ، ليس هروباً من الواقع لكنها قدرة استثنائية على التحليق في فضاءات غير التي أعيش فعلاً ..

    بهذه القدرة استطعت أن أبدو سعيداً ليس أمام الآخرين .. لا أمام نفسي أولاً ... أنا أمام أنا  ـ ذاتية الهروب من الذات بعيداً عن الموضوع ذاته  .. ليس انهماكاً في ما يفلسفه بعض الفلاسفة في العلاقة بين الذات والموضوع .. لا .. ليس كذلك .. هو فقط وببساطة أن تحاول تقمص دور أنك لست من كائنات الأرض .. أن تعتبر نفسك من كائنات السماء ، وتحاول أن تضيء لنفسك بعض الزوايا المظلمة في هذا الكون .. سواءً للتغلب على حالة العجز في استيعاب الواقع ، أو لقهر عجز الواقع عن استيعابك ، أقصد الأشخاص والكائنات المحيطة بك .. والتي على الرغم من أنك قد قضيت معها عقود لكنها لا زالت تجهل تفاصيلك  ..

  أن تبدو بين خيارين: اما أن تكون كائناً افتراضياً في نظر نفسك ... أو أن تتحول الى فيروس افتراضي تنهش نفسك .. فلسفة الأشياء سواء تلك التي هي في حالة استاتيكية (سكون) أو تلك التي هي في وضع الديناميكية (حركة)  لا تنطلق فقط من نسبية السكون والحركة في هذا الوجود الكوني الواسع .. لكنها ترفض حالة النظر اليها وبصورة مطلقة على أنها عناصر جامدة ..

    حتى الجمود الثلجي فيه نسبة من الحركة عندما يتم النظر اليه بميكروسكوب مكبر .. يعكس أضعاف حجمة بملايين المرات وربما مئات الآلاف هناك شيء ما يسيل منه وهو بذلك فيه شكل من أشكال الديناميكية ..

    في اللهجة التعزية يُقال للشخص غير الحركي أو بطيء الحركه ـ مالك (مُقعّي)  وفي اللهجة الذمارية هناك شيء مشابه ربما يقصد منه نفس المعنى ـ كأن يُقال ـ مالك (مُقعلَل) .. فرق في الحروف والوضعية لكن المعنى تقريباً نفسه .. فالمقعلل في حالة استاتيكية تشبه النائم لكنه في وضع الصحيان  مع ضعف من حيث الاستجابة ورد الفعل .. ومثله المُقعي .. الفرق أن المقعي يمكن أن يكون جالس أو مقعلل ، يعني ممكن واحد يكون مقعلل ، ومقعي في نفس الوقت ..  وصاحب ذمار حتى لو هو مقعلل يعتبر نفسه يساوي عشرة من صنعاء .. طبعاً هو الشعور بالنزعة المناطقية والتفوق الذماري ازاء صنعاء رغم أنها العاصمه .. أما ما يساويه مع المقعّيين .. مش عارف كم سيكون سعر الصرف .. ـ لا أحب أن أدخل في نقاش بيزنطي مثير للنزعات المناطقية .. لكن فقط أردت أن أستعرض قدرتي الاستثنائية على استحضار ، واحضار الجن المقعللين ..

   في الوضع الحالي ـ وحتى قبل أن ينشغل العالم بفيروس كورونا ويتحول الى عالم مقعلل ، أو مقعي .. الشعب اليمني كله  اما مقعي أو مقعلل .. حالة خمول وترُقّب .. وهناك نوعين من المقعللين ، مقعللين سياسيين ، ومقعللين عسكريين .. وشعب مُقعي .. وبعضهم حتى في الجبهات خمس سنيين وهم مقعللين ..

وفي الخارج مقعللين في الفنادق خمسه نجوم ، ومقعيين ..

والمشكلة في المقعيين في الداخل والخارج  على ما يسمى بالشرعية منتظرين منها  ان تعمل لهم دولة ونظام مثل النظام البريطاني ، أو الأمريكي ..

  في الوقت الذي هم أصبحوا مسئولين افتراضيين ـ هم فقط موجودين في الفيسبوك وتويتر ـ وانستجرام .. أما في الواقع الحقيقي هم في الفنادق يعيشون حياة مختلفة تماماً عن المقعيين في الداخل ..

      على أي حال  تدريجياً فقد المقعللين والمقعيين في الداخل الثقة بقدرة المقعللين في الخارج على عمل شيء ما ليس للوطن ولكن لأنفسهم أيضاً .. هم منشغلين برصد التغيرات في حساباتهم البنكية التي ما كانت لتتحقق لهم لولا مواهبهم المميزه في البقاء في الفنادق دون تقديم شيء يُذكر لشعبهم ووطنهم ..

ومن مقعللين ، الى مفصعين .. واذا اتحركوا سمو أنفسهم صعاليك ، صعاليك الفعل الثوري التحرري ..

  عفواً ـ أعتذرـ للزعماء المقعللين ، والمقعيين (مدنيين ، وعسكريين ) .. رجاءً ما حد يزعل ـ أن بس حبيت أذكركم أنكم أول من تقعلل قبل أن يتحول العالم كله الى القعلله بفعل الفيروس الكوروني العالمي ..

   لكن أبشركم أن العالم تدريجياً سيعود ـ وسيغادر هذه الاستاتيكية المؤقتة ، ويتحول الى الحركة والديناميكية ، ولن يواصل معكم القعلله .. لا تفرحوا أنكم فرضتم القعللة العالمية .

       هذه أفكار ليس فلسفة أو تنظير لكنه الواقع .. أنا أسير الآن في الشارع ، وهناك الكثير من المقعللين يتعاطون القات ، يدخنون .. والكثير من المّاره يتحركون ولكنهم (مقعيين) .. كان أحدهم يسير مرحاً في نشوة ، ومعه القليل ممن لا يزالون يحتفظون بشيء من الديناميكية يصرخ على صديقه المقعي ، ويقول له ( غلِّق الكوار ياليد ) طبعاً يقصد بالكوار الفم المفتوح على الآخر (المُقعي) ، وهي استعارة ، أو استخدام لوصف (كوار) السيارة ـ وهذه ايضاً في اللهجة المحلية تطلق على غطاء مُحرك السيارة ـ يعني هذا قمة البلاغة ، أن يتم تشبيه فم الشخص المُقعّي  أي الخامل بمحرك السيارة المفتوح .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق