(نوستالجياNostalgia )البقاء في الماضي - Elegant Writer

Breaking

السبت، 10 أبريل 2021

(نوستالجياNostalgia )البقاء في الماضي


 

       يختار البعض أن يعيش الحاضر بعقلية الماضي ، وهو مشدود بشكل مستمر الى ماضي عرفه من أسلافه ، أو أجداده .. وربما من حكايات حكاها له أفراد من أسرته الأقدمين ، والكثير من تلك الحكايات تاخذ طابع الأسطورة التي تُمجّد تاريخ الأسرة ، وتقدم الأجداد على أنهم أبطال (سوبر مان) ـ هذا على مستوى الأفراد ـ .. وكذلك الحال على مستوى الدول ، والحكومات ، والمجتمعات ..

                    الايغال في الحديث عن الماضي والانهماك فيه الى حد كبير يشخصه الكثير من علماء النفس على أنه هروب من الحاضر ، والعجز عن تحقيق نجاحات فيه .. ويطلق على هذه الظاهرة بالمصطلح اليوناني ( نوستالجيا ـ Nostalgia) وتعني الحنين أو الاشتياق للماضي .. تتحول هذه الظاهرة الى حالة مرضية عندما تقود صاحبها الى المبالغة  ـ ربما الى درجة الكذب ـ في نسب نجاحات حدثت منذ عقود الى نفسه ، أو الى أسرته ، ويتحدث بأنه بحكم انتمائه لتلك الاسرة  يمتلك قدرات خارقه حتى وان لم يثبت ذلك في حياته الآنيه ، لكنه يستجدي الآخرين في التعامل معه كشخص مميز بحكم الماضي الذي يعتقده ، وقد يقدسه ويطلب من الآخرين ايضاً تقديسه ..

     ليس عجزاً فقط لكنه يتحول الى مرض أو انفصام في الشخصية أن يعيش الشخص أو المجتمع برمته في جلباب أسلافه الديناصورات .. فهو يرفض هذا التقدم المذهل في مجال العلوم والتكنولوجيا ، والاتصالات ، والثورة الرقمية .. انه ينظر الى ذلك على أنه بِدَعْ ، وأحياناً يعتبره كُفر ، أو انشغال بالدنيا الفانية .. وربما يقول لك أن ذلك من علامات الساعة ـ

     هذا هو الجهل المقدس الذي يحمل معه المبالغة في اظهار الزهو بماضي قد يكون كاذباً .. بل أنه كاذباً بالفعل .. ستجد الكثير من هؤلاء المنهمكين في الماضي يتنطعون بالدين ليمنحو أنفسهم صكوك الغفران ، ويذهبون في الوقت ذاته الى تكفير كل من يدعو الى الابداع والتفكير .. انهم يرفضون وصف التقدم على أنه تقدم لسبب بسيط ـ أنهم ـ يصرون على البقاء في حالة تخلف .. انهم ينظرون الى التخلف على أنه كائن مقدس يتغنون به ويمارسون طقوس التمجيد له الى درجة العبادة .. وفي المقابل يشنون حملة مسعورة ضد كل من يقدم ابتكاراً جديداً  يخدم الانسان والبشرية ..

انّ من اختار باصرار البقاء في الماضي .. لا يحترم العقل والتفكير، يرفض التعايش مع الآخر المختلف عنه .. الآخر الذي يؤمن بالتنوع والتعايش مع بقية الثقافات والحضارات .. يرفض الآخر الذي يدعو الى التحرر من قيود الماضي ويدعو الى تحرير العقل من الخزعبلات والتخريفات .. ومثل هؤلاء يجب على المجتمع التعامل معهم بطريقة استثنائية على أنهم مرضى نفسيين بحاجة الى علاج ، وفي مقدمة ذلك العلاج اقناعهم بأنهم فعلاً مرضى ومن ثم اعادة تأهيلهم وادماجهم في المجتمع بعد تخليصهم من تفكيرهم الماضوي المتخلف . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق