الشخصية السلبية ، والنصف الفارغ - Elegant Writer

Breaking

الجمعة، 9 أكتوبر 2020

الشخصية السلبية ، والنصف الفارغ


لا شيء أسوأ من أن تعيش مع شخصية سلبية تتعاطى مع الاشياء والاحياء بشكل سلبي .. لا تنظر الا للنواقص ، ولا تتصيد الا الاخطاء

وان لم تجد خطأً تجده يعمد الى افتعال الازمات والنواقص والعيوب والاخطاء ..

    هي نقطة ضعف أو شعور بالعجز والنقص ترك الايجابيات التي قد تشكل أحيانا 80% من سلوكيات شخص ما في حين يذهب الى التركيز على 20% من النواقص التي لا يخلو منها بشر .. بل أنه من المثالية أن يصل الانسان الى نسبة الـ80% من الايجابيات ..

   الانشغال بالاخطاء ، والنواقص ليس فقط مسألة سلبية من جانب الشخص التي يركز عليها ، يكبرها آلاف المرات .. لكنه مرض خطير يؤثر على الشخص ومن حوله .. ويستهلك من حياته الكثير من الطاقة ، والتفكير ، وربما يؤدي به الى فقدان الثقة بكل ما حوله ..

   أن تعيش وحيداً مبتعداً عن الآخر ، وتدعي أن ذلك الآخر هو الشر كله ، وأنك الخير كله  فذلك قمة الانطواء الذي قد يقود صاحبه تدريجياً الى حالة من النرجسية الفارغه .. أن يتحول الى شخص فارغ بينما لا ينظر الى شيء باستثناء النصف الفارغ مُعتقداً أن كل ما حوله هو نواقص وعيوب وسلبيات ..

 

لم  يتبقى له صديق أو رفيق ..  لان شعاره فقدان الثقة بالجميع الى أن يثبت العكس .. ولأنه لن يعطي فرصة لاحد ليثبت العكس هو يعيش في النصف الفارغ وحيداً ، ومن هذه الزاوية يعتبر كل شيء حوله ليس له معنى وأنه فارغ ..

      يترك الشارع التجاري الذي يعيش فيه ليذهب الى شارع آخر  لا لشيء فقط لأنه قد دمر كل علاقاته مع أصحاب المحال المجاورة ذاهباً في رحلة بحث لشراء احتياجاته اليوميه التي قد تنحصر في معجون أسنان مثلاً ، أو في رغيف خبر .. تقول له لماذا لا تشتري من المحال المجاور وهي بنفس السعر يُجيبك أن كل من في شارعنا هم شلة من النصابين والسرق ..

وبعد أن يستهلك ما لديه من بنزين في سيارته يشتري ذلك الشيء الذي يبحث عنه فيكلفه أضعاف سعره مئات المرات .. يتكرر هذا المشهد يومياً تراه يذهب في رحلة ومشاوير ليس لها معنى لكأنه يريد ان يمارس حالة من الانتقام على من حوله في الجوار .. وهو في حقيقة الامر يمارس حالة من التعذيب الذاتي والاهدار الذاتي لطاقاته وامكاناته .. لماذا ؟؟ .. يجيبك ببساطه : انهم نصابون .. لا أثق بأحد ..

مجرد أنه سمع عن خبر او مزحه بسيطه بأن هناك علامات على أزمة بنزين .. يذهب سريعاً الى المحطة ليملأ خزان سيارته الممتليء أصلاً ربما ينقصه فقط بضعة ليترات قليله .. ثم يذهب في ترديد الشكاوي : كيف أن الوضع سيء للغاية ، وأن أزمة البترول هذه سوف تعيق حياته العملية ، وأنه لن يتمكن من الذهاب الى العمل .. لن يستطيع الحركة يشعرك وأنت معه بأن السماء قد انطبقت على الارض في الوقت الذي لم يكن هناك ازمة ولم تحدث أصلاً ..  لكن الأزمة الفعلية هو فيما يعيشه ذلك النصف الفارغ في داخله ، في كيانه .. حالة صراع بين نظرته والواقع .. ولربما أنه يعاني حالة الخوف من أن تصيبه عيون الحسد .. فيذهب الى كسر العين بادعاء المعاناة .. لكن هذا الخوف يتحول تدريجياً الى هاجس قلق حقيقي  ، ومتتابع من كل شيء .. شخص يتحول الى آله لانتاج الهم والقلق والنكد عليه وعلى من حوله ...

     ولربما أن الانهماك في هكذا تعاطي مع الواقع والبشر من حوله يحوله شيئاً فشيئاً الى كائن شيطاني .

    دمر علاقته مع زوجته  لأنه لا ينظر الى كل شيء جميل ومثير فيها .. لكنه يركز على شيء واحد يعتبره خللاً كبيراً وهو ليس خللاً لكنه بفعل نظرته السلبيه وتعاطيه المريض مع كل من حوله اعتبر اسنانها البيضاء المتوهجة خللاً فنياً ، ثم أن تسريحتها لا تعجبه ، ولون شعرها ، طريقتها في الحديث ...... الخ من الأشياء التي يعتبرها شخص طبيعي غيره ميزات وليس عيوب ..

    تصور أن شخص يعيش في مدينة يكرهها ، ويكره كل شيء فيها .. يعتبر أن كل ما فيها خطأ ..  وعندما تسأله أذن لماذا أنت تقيم فيها منذ عقود  لا يمتلك اجابه لهذا السؤال .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق