أردوغان يبتلع ليبيا - Elegant Writer

Breaking

الثلاثاء، 28 يناير 2020

أردوغان يبتلع ليبيا



وسط أنباء عن اشتباكات بين طرفي النزاع تُهدد بانهيار الهدنة الهشه التي أسفر عنها مؤتمر برلين .. يبدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حرصاً مُبالغ فيه على  ليبيا وعلى الليبيين ، وعلى الشرق الأوسط برمته ..  خاصةً بعد أن نجح في استدراج فايز السراج رئيس الحكومة الليبية الى توقيع الاتفاقية الامنية والبحرية التي بموجبها أصبح له حصة من الكعكة الليبية ، وبالذات من الغاز ، كما سيكون بمقدوره بموجب الاتفاقية الامنية بناء قاعدة عسكرية تركية .. السباق التركي على الغاز الليبي ، وموقع ليبيا الاستراتيجي صار مُلفتاً للنظر ، ومثيراً للجدل والانتباه معاً .. وقد أثار بدرجة كبيرة الدول العربية المجاورة وبالذات جمهورية مصر العربية ، الامارات العربية المتحده ، المملكة العربية السعودية .. التي تجد أن انقضاض الذئب التركي على ليبيا هو استهداف لكيان عربي .. في حين يثير حفيظة الدول الغربية الاوروبية( بريطانيا، فرنسا ، المانيا ) وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي دفعت المانيا الى تبني تنظيم مؤتمر برلين حول ليبيا ، والذي انعقد على أنه لتهدئة الصراع الدائر بين قوات المتقاعد خليفة حفتر الذي يقود الجيش الوطني ، والقوات الموالية لحكومة فايز السراج ـ وهي الحكومة المعترف بها دولياًـ غير أنه أفضى الى تأكيد القرارات السابقة لمجلس الامن والامم المتحده فيما يتعلق بمنع تصدير السلاح الى ليبيا ، وكذلك انهاء دورالميليشيات المسلحه والمضي في بناء مؤسسات الدولة الليبيه.. وقد فسّر الكثير من المراقبين أن قرارات مؤتمر برلين جاءت لكبح جماح الاندفاع التركي .. وكان لافتاً ومبعث تندر للعديد من المحللين العرب غياب الأطراف الليبية المتصارعة عن ذلك المؤتمر .

    كانت هرولة السراج الى تركيا وهرولة أردوغان الى السراج مثار جدل من البعض ، وسخريةً من البعض الآخر الذي ينظر الى تركيا كما لو أنها تحاول أن ترتدي لباساً أكبر من مقاسها ، أو أنها تبحث عن دور أكبر من حجمها .. لكن الذي شجّعها على هذه الجرأة هو غياب الدور العربي الفاعل في المشهد الليبي .. لقد هرول فايز السراج الى توقيع تلك الاتفاقية الامنية البحرية مع تركيا تحت ضغط الخوف من  قوات خليفة حفترالتي تتقدم للسيطرة على ما تبقى من الاراضي بما في ذلك  العاصمة الليبية طرابلس حيث تتواجد حكومة السراج ، بالاضافة الى العديد من المناطق الغنية بالنفط والغاز في الاراضي الليبية .. جماعة الاخوان المسلمين هي الوحيدة التي تتحدث بكثير من الاحتفاء والترحيب بالدور التركي في ليبيا .   

     ومن الواضح أن تركيا ، وروسيا في ماراثون سباق مع بعضهما ومع بقية الدول الكبرى في منطقة الخليج والشام ، والشرق الأوسط .. ومع ما يجمع تركيا وروسيا من مصالح مشتركه .. الا أن روسيا لازالت تمتلك زمام القوة والمبادرة التي تجعلها أكثر قدرة على بسط نفوذها وتأكيد دورها خاصة في الملف السوري .. في حين تسمح ببعض الهامش للحليف التركي للتحرك في بعض الاتجاهات .. ومن هذه الاتجاهات الملف الليبي الذي اعتقد البعض أنه كان مفاجئاً لفلاديمير بوتين أن يقوم أردوغان بتوقيع تلك الاتفاقية مع حكومة السراج .. لقد ردت موسكو على ذلك الإجراء ببيان حاد من وزارة خارجيتها وبتصعيد في إدلب .. مما يؤكد حساسية موضوع الغاز  في البحر المتوسط  بالنسبة لروسيا  .. وتتيح الاتفاقية لتركيا السيطرة على الغاز وابتزاز أوروبا ، ذلك الغاز الذي يمكن أن يكفي أوروبا لمئات السنين .

   ولا يستبعد بعض المحللين أن يُقدم الرئيس التركي للرئيس الروسي بوتين عرضاً لبناء  قاعدة عسكرية في ليبيا الى جانب القاعدة العسكرية التركية الذي يعتزم انشائها بناءً على الاتفاق التركي الموقع مع حكومة السراج ..

  فعلى الرغم ما يبدو على الرئيسين التركي والروسي من عدم التقارب كثيراً كحلفاء في كل القضايا الا أنهما يبديان حرصاً على التوصل إلى تفاهمات مرضية لكليهما  في الملفين الليبي والسوري  .. فهناك الكثير من المصالح المشتركة  التي تجمعهما  وتحتم عليهما العمل معاً على تنميتها والتي تجعل من الصعب حدوث أي مواجهة بينهما .. ففيما أعلن بوتين على  الصعيد الرسمي  تفضيله الحلّ السلمي ووقوفه على مسافة واحدة من طرفي النزاع في ليبيا.. هناك من يتحدث عن تواجد مقاتلون روس يقاتلون إلى جانب الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.. ويرى الكثير من المحللين بأن ذلك لا يمكن أن يحدث دون اذن ومباركة الكرملين .

أطماع أردوغان التوسعية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط باتت واضحة ، وقد منحه السراج ـ من خلال الاتفاقية الموقعة ـ غطاءً مفتوحاً لإرسال جنوده ومرتزقته  ومعداته العسكرية إلى ليبيا ..ليتصدر ماراثون السباق على الموارد النفطية الليبية .. مؤخراً تواترت أنباء  عن فرار عناصر من المرتزقة السوريون التابعين لأردوغان من ليبيا الى اوروبا.. وهكذا يواصل أردوغان هوايته المفضّلة في ابتزاز أوروبا بالغاز وباللاجئين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق